الشيخ العلاوي - واجب المسلم أن يهتم بشؤون المسلمين

جاء الإسلام بتعاليم راقية, تلك التعاليم التي ترمي إلى جعل أفراد المسلمين كعائلة واحدة, يهتمون بشؤون بعضهم بعض ويسعون يدا واحدة في الجلب والدفع, وهذا بعد ما يوقر صغيرهم كبيرهم ويرحم كبيرهم صغيرهم, ويكرم غنيهم فقيرهم وينجد قويهم ضعيفهم, ويعلم عالمهم جاهلهم وإلى ذلك أشار "صلى الله عليه وسلم" في الحديث:( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو, تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى), وهذا باختصار ما ينتهي إليه التضامن في نحو العائلة والجماعة.

وعليه فهل نحن نعمل على هذا التضامن ونسير على تلك التعاليم, بل نحن في واد وهي في واد, فان الذي يظهر فينا هو هذا الوصف الأخير, وهو أننا أبعد عن تقوية روابطنا وتوجيه جهودنا والاهتمام بشؤون إخواننا من بعد المشرقيين, وهو الأمر الذي أفضى بالمسلمين إلى ما هم عليه من تضعضع مجدهم وركود ريحهم إلى أن تمثلوا بشكل غنيمة يتسارع لنهبها الناهبون, وهذا لا ينكر وجوده بيننا إلا مكابر, وسائر أفراد الأمة كبيرهم وصغيرهم وعالمهم وجاهلهم, غنيهم وفقيرهم, أميرهم ومأمورهم يشتركون في عدم الإهتمام بشؤون بعضهم إلا من شذ وندر, والنادر لا حكم له.

والواقع يحملنا على الاعتراف بأن همة الكثير ما أصبحت تتجاوز سطح بيته, بحيث أنهم لا هم لهم إلا بما يصل إليه من منافعه الذاتية, وحظوظه الخصوصية, ولا عليه في غيره ربح أم خسر ولو كان من قرابته فضلا عن جيرانه و أهل بلده, وأحرى من وراء ذلك في بقية أطراف العالم الإسلامي, ولا أراك أيها القارئ الكريم إلا معترف بهذه الحقيقة التي نشترك فيها عموما, فمنا من له نصيبه منها بالغرض, ومنا من له نصيب منها بالتعصب, والحالة إن حظك أيها المسلم الإهتمام بشؤون إخوانك بقدر وسعك, فتواسي فقيرهم وتواصل مريضهم, وتعين ضعيفهم, وتعلم جاهلهم, وتيقظ غافلهم بقدر جهدك, وبقدر ما في وسعك, وهذا إذ لم يتأتى لك أن تنفع المجتمع الإسلامي بصفة عامة وتعذر عليك أن تكون زعيما للمسلمين فلا يتعذر لك أن تكون خادمهم, فانك بخدمتهم تحصل على شرف الدارين وتبرأ منك الذمة وتصبح مسلما بكل معنى الكلمة, وإلا فان اكتفيت بنفسك واستقللت بوجودك قاطع النظر عما يصيب أبناء جنسك من أفراد العالم الإسلامي فانه يخشى عليك أن تسقط من جماعتهم لا قدر الله لما جاء في الحديث الشريف (مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ).

فاللهم ألهمنا لما فيه الخير وأرنا الحق حقا وأرزقنا إتباعه, آمين, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


المصدر: جريدة البلاغ الجزائري- واجب المسلم أن يهتم بشؤون المسلمين, العدد 212 بتاريخ 29-05-1931

تعليقات