الشيخ العلاوي - إلى الوطنيين من أبناء ملتنا

محبة الأوطان عاطفة شريفة توجد في الإنسان, لا يفقد نزعته إلا غليظ الطبع جافي الخُلُق, ولكن كثيرا ما طوحت (أي هلكت) بأقوام فأنستهم حظهم من الله ومن الدار الآخرة التي هي دار القرار, فأنزلوها في أنفسهم منزلة المعبود بالحق فجعلوا في مرضاتها كل مرتخص وغالي مما كان أو ما يكون, والجنون فنون.


فما أشبه هؤلاء بما يحكى عن الذئب في المثل الذي جاء لأولاده قائلا: أنه باع رأسه بصاع من فول, فقالوا له: قد ألهمت الرشد واقتصدت فيما فعلت إذا وجدت رأسا بعد رأسك هذا تأكل به الفول.

أيها السادة إنكم تقولون إن محبة الوطن من الإيمان, وهي كلمة صحيحة المصدر,  معقولة المعنى, ولكن تأبى الانعكاس فلا نستطيع أن نقول محبة الإيمان من الوطن على التقدير. ‏وبصيغة أفصح وبعبارة أوضح إن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد هجر وطنه مهبط الوحي احتفاظا بعقيدته وهربا بدينه, ذلك الدين الذي يحيي الوطن والوطن لا يحييه والتاريخ أعدل شاهد.

وفي ظني أنه لا يفوتكم كون سلوك طريق الاندماج في قومية غيرنا شيء لا يفيد المستهلكين عزا في دنياهم, أما الآخرة فهي لمن اتقى.


المصدر: جريدة البلاغ الجزائري- إلى الوطنيين من أبناء ملتنا, العدد 57 بتاريخ 10-02-1928.

تعليقات